طفلان في جسد واحد
في عام 1983 م لم تكن السيدة ( ايلونا بيرد) من سكان هنغاريا راغبة من
الحمل والانجاب ، حتى زوجها ( لاجوس بيرد ) الذي يعمل سائقاً كان يشاطرها الراي ،
ذلك لان راتبهما الشهري لا يكفيهما وابنهما البالغ من العمر 7 سنوات .
فقد احبت هذه الزوجة ان تريح جسمها من حبوب منع الحمل ، واستعاضت عنه
بالحسابات ، وهي على ثقة تماماً بهذا المضمار لما عرف عنها بين زميلاتها في العمل
بدقة الحسابات.
ولكن كل الحسابات بات بالفشل ، فبعد شهر واحد من عملية تنظيم الحمل بالحسابات اكتشفت ايلونا انها حامل . وكادت ان تصاب بانهيار عصبي لولا الدور الجيد الذي لعبه زوجها في التخفيف عنها . متصنعاً الفرح. ولم يبق امام الزوجة الا القبول بهذا القدر والعمل على زيارة الطبيب المختص.
والجدير بالذكر ان الطبابة النسائية في هنغازيا لا يزال مستواها متأخر
، فلم يستطع الطبيب المعالج ان يكتشف ان في بطن مريضته توام الا بعد ستة اشهر .
وقبل الولادة بأسبوع واحد بدا ينتاب هذه الام شكوك مخيفة ، فقد تبين
لها ان ثمة شيئاً غريباً يحصل داخل احشائها . حتى الاطباء ادركوا هذا الامر الخطير
، لكنهم اثروا الصمت حتى حصول الولادة .
وفي 30 مارس 1983 ميلادية حان موعد الولادة ، وتم نقل الام الى غرفة
العمليات القيصرية ، بعد ما تعذر ولادتها طبيعياً .
وبالفعل اخرج الجنين المزدوج ، وانصدم جميع الاطباء ، واخرج الدكتور (
هادناغي) مخلوقاً غريباً ومخيفاً من بطن الام المفتوحة . طفل له راسان واربعة ارجل
واربعة اذرع ، وتبين للجميع انهم امام توأمين سياميين ملتحمين في منطقة الحوض ،
ويبلغ وزنهما معاً 5.600 كلغ .
وبالفعل كانت الصدمة قاسية ومرعبة بالنسبة للطبيب المشرف على الولادة
. وخرج ينقل هذا الخبر المخيف الى الاب الذي كان ينتظر بلهفة في صالة المستشفى .
ولما تخلصت ايلون الام من تأثير البنج ، طلبت مشاهدة طفلها ، ولكن لم
يستطع احد ان يخبرها أي شيء ، واخيراً تقدم الطبيب المعالج وهمس في اذنها قائلاً :
او اولادك بخير سيدتي ، وهما اثنان كما كنت تعلمين وصحتهما جيدة ، لكنهما ملتصقان
قليلاً .
وبينما كان التوأمان السياميان الملتحمان ينظران قدرهما في الحاضنة
الكهربائية في المستشفى الهنغاري ، كان الدكتور بانتر ينقل الى مدينة بال
السويسرية لحضور اجتماع في الولادة ، والتقى هناك بالبروفيسور الالماني ( والدمار
ميكر ) المعروف بإنجازاته المميزة في هذا
الميدان الطبي ، والذي سبق له ان اجرى عدة عمليات ربما مشابهة ، حيث قبل هذا
الطبيب الماهر اجراء العملية الجراحية ، وبعد معرفة و موافقة الحكومة الهنغارية قدمت مساعدة مادية لانجاح هذه العملية ، وبذلك قامت الحكومة بتسهيل عملية نقل الطفلين
بطائرة خاصة الى ميونخ .
وفي 28 مايو 1983 ميلادية
، كل شيء قد اصبح جاهزاً لاجراء
عملية الفصل واجتمع 25 طبيباً اختصاصياً برئاسة البروفيسور ( والدمار ميكر )
لدراسة هذا الامر ، وانتقل الجميع الى غرفة العمليات ، و باشروا في اجراء
العملية ، وفي المساء وصل والدا الطفلين
الى المستشفى ، واخيراً نجحت العملية ، بعد عشر ساعات متواصلة من العمل الشاقة لإنجاح
عملية التوأمين السياميين ، وقد عرفت هذه العملية انها من اهم العمليات التي قد
انجزت في عملية الفصل في العالم .