القائمة الرئيسية

الصفحات

علم الاجنة الجزء الثالث

 الظلمات الثلاث - الصلب والترائب - الغيبيات الخمس في علم الاجنة من القران والسنة 





الظلمات الثلاث


 }يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقاً من بعد خلق في ظلمات ثلاث {  (( 5/ الزمر )) .

قال بعض المفسرين رحمهم الله : إن الظلمات الثلاث هي : ظلمة البـطن ، وظلمة الرحم ، وظلمة المشيمة ، فلجدار البطن ظلمة ، ثم تليها ظلمة جدار الرحم ، ثم تليها ظلمة الاغشية المحيطة بالجنين ، والمعروفة بالخلاص ؛ ولكننا إذا وقتنا النظر في الأغشية المحيطة بالجنين وجدناها ثلاثة كذلك وهي :-

1- الغشاء الأمنيوسي المحيط بالجنين مباشرة .

2- الغشاء الكدريوني  أو المشيمي .

3- الغشاء الساقط .

وهذا ما توصلت إليه الدراسات المجهرية والتشريح النسيجي حديثاً .. وأهمية الظلمات الثلاث هي : حتى لا يتعرض الجنـين إلى تشوهات خلقية فالظلمات مهمة لتكوين الجنين لإبعاده من التأثيرات المسخيًة .


الصلب والترائب


{فلينظر الإنسًان مم خلق . خلق من ماء دافق . يخرج من بين الصًلب و التًرائب { (( 5 – 7 / الطارق )) ولا يزال ذكر الغرض الحقيقي من ذكر هذه الأشياء المعجزة هو جعل اليوم الآخر نصب أعيننـا نشـاهده ونتملاه ونراه حقيقيه  ..
ومن أين يخرج هذا الماء الدافق من بين الصلب والترائب ؛ والمفسرون القدماء قال بعضهم : من بين صلب الرجل أي العظام الفقار في الظهر والترائب عظام الترقوتين والأضلاع والآية تقول من بين الصلب  والترائب وليس من صلب الرجل وترائب المرآة ؛ وهذا المفهوم غير صحيح وقد تنبه لذلك الحسن البصري وذكره عنه الألوسي  في تفسيره وتنبه لذلك ابن القيم في أعلام الموقعين وقال (( إن المولى يقول من بين الصلب والترائب أي من بين صلب الرجل وترائبه ومن بين صلب المرآة وترائبها )) والصلب هو منطقة العمود الفقري ؛ والترائب هي عظام الصدر ، وقد بينت الدراسات الجنينية الحديثة أن نواة الجهاز التناسلي والجهاز البولي في الجنين تظهر بين الخلايا الغضروفية المكونة لعظام العمود الفقري وبين الخلايا المكونة لعظام الصدر ؛ وتبقى الكلى في مكانها وتنزل الخصية إلى اسفل فإن الشريان الذي يغذيها بالدم طوال حياتها يتفرع من الأورطي بالشريان الكلوي ، كما ان العصب الذي ينقل الإحساس إليها ويساعدها على إنتاج الحيوانات المنوية وما يصاحب ذلك من سوائل متفرع من العصب الصدري العاشر الذي يغادر النخاع الشوكي بين الضلعين العاشر والحادي عشر ؛ وواضح من ذلك ان الأعضاء التناسلية وما يغذيها من أعصاب وأوعية دموية تنشأ من موضع في الجسم بين الصلب والترائب ( العمود الفقري والقفص الصدري) وإنه حقاً  لإعجاز علمي باهر لم ينتبه إليه البشر إلا في القرن العشرين .. 


الغيبيات الخمس 


} إنً الله عنده علم السـاعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غداً و ما تدري نفس بأي أرض تموت إنً الله عليم خبير {   (( 34/لقمان )).

هذه الغيبيات الخمس إحداهما هو العلم بما يحتويه الـرحم سواء الـذكر او الأنثى ، وقد حاول بعض العلماء ان يفحص السائل الاميني وهو السائل المحيط بالجنين داخل الرحم وحصل منه على بعض من خلايا الجنين ودرس الصبغيات التي تكلمنا عنها ونجح هو وعلماء آخرون في معرفة جنس الجنين في داخل تكوينه الأولى .. كيف تكـون إذاً غيبيـة وقد بدأ البشر يعرفون أسرارها ؟! وهذا الرد غاية في البساطة يقول الله تعالى : } ومآ أتيتم  من العلم إلا قليلا { ، وعلم الخالق هو العلم المحيط ، وعلم المخلوق مهما ارتقى فلن يرتقى إلى علم الخالق وهك البرهان :

(1) إن الله تعالى يعلم جنس الجنين منذ تلقيح البـويضة وقبل تخليق الجنين بينما علم المخلوق أحاط أو حاول الإحاطة بنوع الجنين بعد تخلُقه وتكوينه بفترة .

(2) إن علم الخـالق تبارك وتعالى لا يتعرض لعامل الخطأ أو السهو أو سوء التقدير ، فهوعلم متقن ، أما علم المخلوق فما أكثر ما يتعرض للخطأ أو السهو أو سوء التـقدير ، فإن إجراء التجارب على السائل الأمينوسي لا يأتي حتماً بخلايا الجنين فقد يأتي بخلايا الأم مثلاً وتكون النتيجة خطأ وقد يلتبس عليه الأمر في فحص الصبغيات الجنسية فيخطىء وهذا ما يحدث عادة في المخـابر ؛ أما إذا وقع هذا المخلوق على الصواب فهذا بتعليم الخالق فهو القائل : }إقرا  باسم ربك الذي خلق . خلق الإنسـان من علق . إقرا وربك الأكرم . الذي علم بالقلم علًم الإنسان ما لم يعلم { (( 1-5 / العلق )) .

(3) إن علم الخالق بما في الأرحام هو علم شامل ليس مقصوراً فقط على معرفة جنس الجنين ذكراً كان أم انثى فهـو يعلم حسنيه وطوله وحواسه وعمره وسعادته أو شقاءه، وموعد مماته ومصيره يوم الساعة 

}حملته أمًه وكرهاً ووضعته كرهاً { (( 15/الأحقاف )) .

 

    لقد قدمنا هنا تلك النبذة البسيطة ، ليتبين لنا جزء من نظام الله في خلقه ،وما وضع فيه من تصميمات بديعة ودقيقة تدل عليه ، وتشير إليه، لأن كل صغيرة وكبيرة في هذه العملية محكومة بسلسلة رائعة من التكامل والتفاعل والتفاهم والاستجابة وما شابه ذلك ، وهي في نفس الوقت توضح معاناة الامهات مع أجنتهن ومواليدهن ، ليس فقط اثنـاء فترة الحـمل او الوضع ؛ بل تتعداها أيضاً إلى مرحلة الحضانة ؛ لأن العلاقة بين الأم ومواليدها أو وليدها علاقة تنشئة نفسية وعضوية وعاطفية ، وبحيث لا يقارن بها أي شيء آخر لكن ذلك الموضوع طويل ومثير ؛ وتتجلى لنا رحمة الله بعباده أن جعل لكل شيء قدراً ؛ومنها إعانة الأم وحنينها في فترة من أحرج اللحظات وأخطرها في حياتها وحياته؛ ذلك أن رأس الجنين  هو أكبر جزء فيه ، وهو أصلبها في الوقت ذاته ولو برز وخرج لأصبح كل شيء في الولادة بعد ذلك ميسراً ؛ ومع ذلك فلقد تيسرًت الأمور نسيباً لأن عظام راس الجنـين قد جاءت مفككة بحساب ومقدار ، وبحيث تتجاوب مع الضغط الواقع عليها أثناء الولادة بتغير استدارتها بما يسهل مرورها وخروجها ؛ أي أن غطاء الرأس التي لم تلتحم بعد قد تنزلق فوق بعضها البعض دون أن يؤدي ذلـك إلى ضرر يذكر لا في المولود ولا في الوالدة ، وبعد أيام قليلة من عمر الوليد ، تأخذ عظام الرأس شكلها ، وتعود الامور إلى أصولها ، كما قدر الله من قديم الأزل ؛  وفي أحيان قليلة قد تتعسر الولادة ، خاصة عند وضع المولود الأول ، ولقد كان ذلك من الأمور الخطيرة في الأزمنة الغابرة ، وفيها قد يفقد الوليد حياته ، أو قد يعيش الوليد وتموت الوالدة ؛ أو قد يموت الاثنان معاً، فلو اننـا عدنا في الزمن إلى الوراء قرناً أو حتى نصف قرن ، لوجدنا أن نسبة الوفيات كانت أكثر ، ويرجع ذلك إلى أسباب عدة ، وكان أهمها النزيف وحمى النفاث الناتجة عن إصابة الوالدة بميكروب يودي بحياتها ،وعندما تقدمت العلوم البيولوجية والطبية ، وتعرفت على بعض أسرار الله في خلقـه ، أفادتها هذه المعرفة في الوقوف إلى جانب الوالدة ووليدها في أصعب وأدق فترات حياتهما ، ويضاءل شبح الخوف الذي كان يسيطر عل الأمهات في الماضي ، وحلت محله بعض الطمأنينة عند الأم الحامل عندما ترى نفسها محاطة برعاية طبية ، لكنها مع ذلك لا تنسى العـناية الإلهية ، فنراها تتجه إلى خالقها بكل جوارحها ، داعية دعوات خالصة صادقة أن ييسر لها أمرها ، ويرزقها بذرية تقر بها عينها ، وتسعد حياتها ؛ ولهذا عندما تسمع أول صرخة باكية معلـنة عن خروج وليدها تنسى كل الآمها ومعاناتها وتحل بها مشاعر وعواطف ترقى عن كل وصف أو كلام يمكن ان يقال في هذا المجال ؛ إن مثل هذه المعاناة والأعباء التي تتحملها الأمهات من بر وحب وعطف ومشاعر طيبة ، فلن نوفيهن حقوقهن ، ومن هنا جاءت دعوة السماء تحض على ذلك ، ويأتي حديث الرسول صلوات الله وسلامه عليه ، ليكرم الأم ثم الأم ثم الأم ثم الأب ، فلقد جاءه رجل يسأله النصيحة في الصحبة فقال : (( من أحق الناس بحسن صحابتي يا رسول الله ؟ قال : أمك ، قال ثم من ؟ قال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال : أمك ، قال ثم من ؟ قال  أبوك ))  ! (( متفق عليه)) .

} والله قد أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً { (( 78/النحل )) .

حقاً أن العلم مكتسب ؛ ولا يولد مع الطفل بالفطرة بدليل أنك إذا جئت بمولود " أوربي " ليعيش وسط مجتمع شرقي ثم سمعته بعد سنوات لوجدت لسانه ينطق باللغة العربية ، وإذا سألته عن أية لغة اخرى لا تحده  يعرف أو يعلم  عنها أو منها أي حرف ، لقد أرادت مشيئة البارئ أن يخرج الـطفل من بطن أمه لا يعلم ما يعلمه البالغون حتى لا تكون هناك حجة على الله تعالى من أن العلم الذي يؤدي إلى الإيمان قد جاء وقسم الناس مثلما تقسم عليهم الارزاق ، ومن ثم لا يكون هناك لاي انسان اي دخل في تصرفاته ، كذلك جاءت هذه الحكمة من أجل أن يكون الإسلام بإيمان ويقين لا عن جبر أو تسليم ، إن بداية تعليم الـطفل يأتي حينما تعلمه أمه أسماء الاشياء حوله ، إن ذلك نفسه ما حدث لآدم حينما علًمه ربُه الأسماء كلها } وعلم آدم الأسماء كلها {  (( 31/ البقرة )) .

لهذا نجد أن هذه الطريقة هي نفسها التي بها يستطيع أي إنسان أن يتعلم أية لغة ، كذلك  يتعلم بها أي علم ؛ لأنه يعد ذلك يتعلم العلاقات بين هذه الموجودات بعضها مع بعض ، كما يجب أن تتذكر إنه لا حدود أو منتهى للعلم ، فرغم ما علمه الإنسان حتى يومنا هذا ، فإنه قليل القليل بل وقشور من الحقيقه ،لأن العلم الحقيق هو ان نعلم باليقين حتى يصبح العلم حقيقة وعقيدة وإيمان بأنه لا إلـه إلا الله حينئـذ تنكشف الأسرار ... أسرار ملكوت السـماوات والأرض بقدر التقوى . }  وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها {  (( 93/ سورة النمل ))



→ العودو الى علم الاجنة في القران والسنة الجزء الثاني